أنوار خافتة تطلب المساعدة .. بقلم الكاتبة / وفاء بنت إبراهيم باعشن

في يوم كسائر الأيام، تأخرت جداً على موعدي المهم و المصيري، و حينها، كان حليفي بأن تتعطل سيارتي وسط الطريق السريع، ثم فجأة انحرفت من طريقي، و غاصت عجلات سيارتي تحت كومة طين قذرة دون سابق إنذار، فقمت بتشغيل أنوار إضاءة سيارتي الخافتة أملاً و طلباً للمساعدة من السيارات المارّة في الطريق السريع، ثم حمدت الله أنني رأيت أناس استجابوا لإشارتي، و لكنهم لم يوقفوا سياراتهم أبداً، و فقط قاموا بالدعاء لي أن أجد مخرجاً من أزمتي الحالية، و ذلك التجاهل  حصل فقط لكونهم منشغلين بأعمالهم و حياتهم الخاصة، و عليهم المضي قدماً في عجلة حياتهم السريعة، و لولا تركيزهم على مسارهم، و أهدافهم المستعجلة، لكانوا ساعدوني في دفع عجلة سيارتي للأمام كأي عمل خير يوصي به ديننا الحنيف!!

مرّت ساعات طويلة دون وجود طعام حقيقي يملئ جوع ظلمات روحي، أو شراب بارد يشفي غليلي، فشعرت بالغضب أولاً، و من ثم انتابني نوبة من الحزن الشديد، و الأسى لوحدتي القاتلة، و لعدم وجود إنسان حقيقي يساعدني وسط ذلك الطريق السريع المظلم، و فجأة، و أنا في لحظة استسلامي للخوف و الشعور بالرعب وسط ظلمة الطريق السريع، رأيت ضوء صغير و مشعّ يقترب نحوي، ولكن ذلك  الضوء لا يعود لأي سيارة عامة تحمل همومها الخاصة، و منشغلة بالتقدم إلى الأمام في هذا الطريق السريع كبقية السيارات، بل كان ضوء غير مألوفاً لأعين البشر، و كان يقترب مني ببطء و بحذر شديد، و بدا شكله غريباً جداً، و عندما ازداد اقتراب الضوء مني، اكتشفت أنه ضوء يعود لفتاة تحمله معها أينما ذهبت و حلّت في ظلمات هذا الطريق السريع، و هذه الفتاة الشابة قد اقتربت من العدم ناحيتي، و مثل الملاك هدأت روعي و عاملتني بكل لطف، و أراحت همومي و الآلامي بدواء عجيب المحتوى و لا يُرام، و أخبرتني أن أتعاطاه كل يوم و ليلة حتى آخر جرعة منه، و حتى آخر رمق من حياتي و روحي، و بعدها قامت بمساعدتي بكل قوتها، لتدفع عجلة سيارتي و حياتي للأمام، و حاولت تلك الفتاة بذكائها، رغم كونها أنثى، بأن تغير اتجاه عجلات سيارتي، و وضعت وجهة جديدة لطريقي حتى أخرج من هذا المأزق الذي أوقعت نفسي به في هذا الطريق السريع الذي لا يرحم المتوقفين فيه إلا من رحم ربي.

 تماماً هكذا قامت بسمة، صديقتي الروحية، بدفعي إلى الأمام حتى أسير في الطريق الصحيح بإيقاعي الخاص في هذه الحياة دون لوم أحد من سرعة انطلاقه، أو انشغاله بدوامة حياته، ثم اختفت بسمة بعد مساعدتي، و ارتفعت كنجمة مضيئة لترشد التائهين في الطريق السريع، و تساعد الآخرين لتغيير بوصلة حياتهم الخاطئة في إحدى طرقات هذه الحياة، لكنني ما زلت أدعو لها لإرشادها روحي التائهة و عجلة حياتي الضالة للطريق السليم، و ذلك عندما كنت بمفردي أشعر بالرعب وسط الطريق المظلم، و هي فقط من تقدّمت لمساعدتي بفضل الله، و استجاب الله لدعواتي في جوف تلك الليلة القاتمة، و قامت بعون الله بدفع عجلة حياتي للأمام عندما كانوا الآخرون منشغلون بالسير إلى وجهاتهم في الحياة دون الاكتراث لما يحصل من حولهم.,فكانت بسمة أفضل رمز و صورة للإحسان لتغيير مسار طريقي، و أصبحت هي بسمة حياتي الأولى. , و إن تدبرنا آيات الله تعالى لوجدنا فضل الإحسان : ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾, ﴿ لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾, ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾, ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾,﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم ﴾ .

عن afaf

شاهد أيضاً

لماذا نقرأ ؟.. بقلم الكاتبة فائزة بحري

لماذا نقرأ ؟.. تصدر الأمر الرباني بقوله اقرأ أوائل ما أنزل على النبي الأمي صلوات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *