عندما يكتب …
#قلم_النوال
فإنه يقول :
القراءة حاجة مُلحة وليست ترف حياة. هكذا أبدأ مقالي عن أهـمية القراءة والـكتابة
قد يسعى البعض بل ويتنافس في جمع المال والسعي جاهداً للوصول للثراء المالي، لكننا نجد البعض اتخذ منحنى مُختلف ألا وهو السعي نحو الثراء الفكري والمعرفي قال تعالى:( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثيراً ) صدق الله العظيم
فمن اوتي الحكمة فقد اتجه نحو الـفضل والـخير الـكثير كما ذكر في القرآن الكريم، فتأتي هذه الحكمة من خلال تطور وزيادة الإدراك والمعرفة ففي القراءة تنشأ المعرفة، وفي الكتابة تنشأ الفكرة، والكتاب هو الترجمان لهذه النافذة للولوج لهذا العالم الفسيح.
فيما لا شك فيه أن نتشارك في معرفة أهمية القراءة والكتابة وأننا أمة ( إقرأ ) وأنّ أول ما نزل من القرآن الكريم سورة العلق مُفتتحة بالأمر الإلهي ( إقرأ ) وتلتها سورة القلم وفي صدرها قسم إلهي ( بالقلم ) تشريفاً له، فالقلم أول ما خلق الله وهو ما تسجل به المعارف، ويُكتب به تاريخ الأمم، وهو الذي تقيد به الكتب وتُحفظ به المعرفة وتُسطر به العلوم.
فنزولهم في دستور المسلمين معجزة الرسول الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، وكونهم من أوائل السور في القرآن الكريم فتلك إشارة واضحة وصريحة نحو الحث على أهمية القراءة والكتابة، فيجب علينا المواظبة والاستمرار عليهما ما بقي فينا من نبض الحياة فمن خلالهما نكتسب مزيد من الوعي والإدراك فهما ضروريتان لتحصيل كافة العلوم وبناء الحضارة الإنسانية، ففي القراءة حياة وهي صانعة ثقافة الأجيال حيث أن للقراءة فوائد عديدة منها على سبيل المثال وليس الحصر توسيع مدارك الفرد الشخصية والفكرية وأيضاً زيادة الحصيلة اللغوية وتنمية مهاراته الكتابية فماذا نتوقع لو أصبحنا بأكملنا جيل قارئ، وما هو الخير الكثير الذي سيلحق بنا من خلف هذا العلم والمعرفة المكتسبة ناهيك عن استغلال وقت الفراغ في مكتسبات مُثرية كالقراءة فلا وقت مُهدر بل ستتوجه هذه الطاقات وتُصب في مكمنها الصحيح الصائب نحو فكر واعي مستنير.
فالشخص القارئ يكسب مهارة ويتعدى أكثر من ذلك بمراحل كثيرة من خلال اكتساب خبرات الكاتب التي قد تكون صُقلت من خلال سنوات علمية وعملية أيضاً فيصب كل ذلك الفكر من خلال أوراق كتاب وفكر وقلم كاتب قد يكون جال وصال الأرض واندمج بثقافات مختلفة اكسبته نُضجاً مَعرِفياً وتنويراً وبصيرة لتصل لنا بكل أريحية من خلال كتاب فلا نهمل أثر القراءة ودورها الـبناء في إنشـاء جـيل مستنير بالفـكر والأدب والمعرفة
فالقارئ يعيش ويسبق غيره بعمر وفكر معرفي بقفزات واثقة مُحْكَمة من خلال نافذة بوابة القراءة فهي مطلب أساسي وتُعد مكافأة يمكن للشخص المحب لذاته تقديمها لنفسه بالإضافة إلى أنّ الكتاب هو الرفيق المُخلِص فقد قال أبو الطيب المتنبي في ذلك: ” وخير جليس في الزمان كتاب ” فالقراءة غذاء للعقل والفكر والروح وينبوعاً لا ينضب للمعرفة والتطور أيضاً.
كما أنّ القراءة تُعد من أهم أدوات زيادة معرفة الذات والكتابة من أهم أدوات ترجمة حب الذات واجتماع كلاهما ما هو إلا العمل على تزكية هذه الذات بالتطوير المستمر فيظهر ذلك جَليّاً من خلال توسع المدارِك وزيادَة الوعي والعلم والمعرفة وينعكس أثره على الفرد والمجتمع وينقل لنا حضارة أمم سَبَقونا بما سَطرته أقلامهم وظلّت باقية تتناقلها الأجيال يوماً بعد يوم ونحن نحْذوا حَذوهم فِي ذلك، لما وَجدنا أثره الفعّال في بِناء الثقافة والمعرفة وننقل فكرنا وثقَافتنا لأجيال سَتلحق بنا بإذن الله فنَقفِز وننغَمس ونَطوي ونعِيش زمناً لم نكن به ونسطّر حاضِراً وُجدنا به لنُسجل تاريخنا لمُستقبل جيل قادم يلمس نَتاج فِكرنا حتى لو تلاشينا وتوارت أجسادنا التراب فالجسد ذاهب لا محالة لكن الفكر باقٍ لا جدال.
فتظل القراءة مفتاح المعرفة ونافذة المهارة اللغوية تستند في فلسفتها على تخطي كل الحواجز فتأخذنا لمساحات وآفاق واسعة فنتخطى الإطار الجُغرافي والحَيّز المَكانِي لنتجاوز ونخْترق كل هذه الحدود زماناً ومكاناً فيطأ القارئ معرفياً بالحروف والسطر والورق مالا يطأه غيره من خلال نسْف حواجز الزَمان والمَكان فتتجمع مجموعة من الأحرف لتكون مزيج من الكلمات المفهومة بمعاني مرسُومة بفكرةٍ مدروسة تؤدي نهاية متنها المكتوب لفهم الفكرة الأساسية من تسطير الحروف وترجمتها للمعنى الذي قصِدَت به وتُتبَع القراءة بالفهم فيبني إسقاطاً على واقع الإنسان وما يحويه من سلوك ومشاعر فينسجم القارئ من خلالها وكأنّ ما كُتِب من عشرات السنين يُخط ويخاطِبه في اللحظة والحين وهُنا تكمُن جَمالية الكتابة في مُلاطفة الروح بما ينيرها ويثري اهتماماتها، فتظل وكأنك جليس وعي هذا الكاتب فتُبحر في سطور فكره وتُحلّق بين طيّات كتابه لعالم يضيف لك الكثير والمزيد من توقّد النفع والفائدة التي لن تنضب أبداً.
في الخِتام … لا يسعني إلا أنْ أقول أنّ من جماليات فلسفة قلم الكاتب عندما يخاطب جميع العقول بنفس العبارات فتظُن أن منطوقَه مُوجه إليك تحديداً بهذه الكلمات والعبارات فتُصِيب القارئ بحالة من الذهول وكأنّه يَصِف مرحلة القارئ تحديداً وعلى وجْه الخُصوص لكنه بمهارة ينثر عباراته لعامة الناس لكن يراها كُل قارئ من منظورِه الشخصي مُرسلة ومُبطنة خاصة له وهُنا تكمن الحِنكة الكتابيّة والثراء الفِكري النَابض من ذائقة كتابية لكاتب تألّق بِفكرهِ قبْلَ قَلمِه.