“الجنة تفتح أبوابها متأخرة”.. مسرحية تُعلي من ثيمة “المقاومة”

متابعات – حسين السنونة – المنطقة الشرقية

__________________________________

 

مسرحية “الجنة تفتح أبوابها متأخرة” من تأليف فلاح شاكر وإخراج يحيى

البشتاوي، عرضت على مسرح هاني صنوبر، أعد نصها البشتاوي عن مسرحية

العراقي فلاح شاكر، بالاسم نفسه مُحولاً أجواءه العراقية إلى الفلسطينية

تحت واقع الاحتلال.

وكانت المسرحية عرفت عربياً على مستوى واسع، بعدما قدمتها الفرقة القومية

العراقية في نهاية التسعينيات للتمثيل من إخراج محسن العلي، وتمثيل جواد

الشكرجي وشذى سالم ورائد محسن. وسبق تقدم نصها في أغلب الأقطار العربية،

وصولا إلى ما قدمه د. يحيى بشتاوي.

جاء اشتغال البشتاوي في إعداده للنص الدرامي على إبراز معاناة المرأة في

انتظار من أحبهُ قلبها، مبديا المخرج محافظته التامة على جذر النص،

الهادف إلى الاحتفاء بالمقاومين ومن يقدمون أرواحهم دفاعاً عن الوطن.

أظهر العرض ثلاثة محاور لها علاقة بالجهاد الشديد مع النفس، والواقع،

والاحتلال، تجلى المحور الأول في معاناة المقاوم؛ أسيراً أو جريحاً وتوقه

الشديد للاستشهاد، وفي الوقت نفسه إعلاءه لقيمة الحب مع زوجته.

وبرز الثاني في معاناة زوجته أثناء الانتظار، حيث غاب  شبابها انتظاراً

وفاء لزوجها وحبها لهُ واختبار قدرتها على الاستمرار في الانتظار.

وبان المحور الثالث في تأثير الواقع الاقتصادي العسير على الشرائح

الشعبية، الذي لم يمنع الناس من ممارسة الحياة والفرح رغم كل هذه

التحديات.

 

تلك المحاور هي التي اشتغلت عليها الرؤية الإخراجية فكرياً وجمالياً، وفي

توجيهها للمثل، التي طُرحت محمولات العرض ومراميه ورسائله، إلا أن بشتاوي

في هذا السياق لم يكتف بالشخصيات الأصلية، فاستحضر من إعداده ثلاث شخصيات

هي: (حفار القبور، الحارس، والمدرس).

برع الممثل زيد خليل في طرح الصراع العاطفي المتأجج في دواخل شخصية

الأسير، وتمزقه بين واجبه في مواصلة مقاومة المحتل، وحبه الجارف لزوجته،

لكن زوجته تعينه في النهاية بقرار اختياره بتأكيدها الاستمرار في

انتظاره.

جاء أداء خليل جذابًا عبر اطلاقه لـ(الزخم التعبيري)  للشخصية المركبة

شحنّاً درامياً متوتراً، فضلا عن حرصه أن يكون الأداء لتقنيات جسده

الخارجية موظفة مع فعله الداخلي لخدمة ظهور هذه الشخصية التي قدمها.

أريج دبابنة التي قدمت الزوجة، في مراحل مختلفة من العمر، وصولاً لغزو

الشيب شعر رأسها، مُجسدةً قيم انتظار المرأة الفلسطينية،  فكانت في

أدائها تدير الصراع المشحون في قلب الزوجة ووجدانها للمحافظة على اتزان

الشخصية من الجنون والشطط، التي تأخذ كل عمرها.

وتظهر مثل هذه القيم في عدد من المسرحيات العالمية، ومنها استعراض ما

أقدمت عليه (بينلوب) في انتظار زوجها أوديسيوس التي وردت في ملحمة

الإلياذة والأوديسة. حيث أن (بينلوب) كانت تنظر زوجها الملك، وما له من

صولجان، في مكاسب تعود عليها بحسب موقعها كزوجة هذا الملك، بينما (المرأة

الفلسطينية) تجيء تضحيتها أكبر قيمياً، فهي تنتمي للشرائح الشعبية فلا

شيء تنظره يعوضها. وكانا (خليل ودبابنة) سارا في سياق متوازن ومتناغم من

الفعل الأدائي الجذاب، ودفعا بالأحداث إلى أمام. بينما الشخصيات التي

أضافها الإعداد في نص العرض: حفار القبور، الحارس، والمدرس، فقد قدمهما

باقتدار حيدر الكفوف مكملًا طرح محمولاتها في الفضاء الذي أنجزته رؤية

البشتاوي لتحمل اتجاهات شكلت إضاءات على الواقع الاجتماعي الفلسطيني.

 

جاء المستوى السمعي ثرياً على المستوى المنطوق في إبراز محلية الأحداث

وارتباطها بالواقع الفلسطيني من خلال استخدام اللهجة، وإسهام الزخم

الصوتي دلالياً بتآلف الموسيقى والمؤثرات الصوتية والأغاني وألحانها التي

كان ظهورها قوياً في المشاهد الافتتاحية والختامية،التي ألفها ونفذها

مراد دمرجيان.

ولغياب الكتل الثقيلة أو الضخمة عن خشبة المسرح، فقد كان لأداء الممثل

وتموضعاته في حيزات المسرح، وبمواكبة تصاميم الإضاءة وخاصة النازلة من

أعلى المسرح على الشخوص وما حولهم، وإعادة تنظيم الأشكال والتغيير في قيم

الظل والنور ودرجاتها اللونية إلـى جـانـب قـدراتـه الحـركيـة

والإيـمـائيـة في تقديم المشاهد الموازية التي من خلالها أبرز المعاناة

الانسانية. كما شكلت الاضاءة التي صممها ونفذها محمد المراشدة فضاءات

سينغرافية بصرية تشكيلية استكملت التكوين الفني والجمالي فأثثت غياب

الكتل الديكورية وعوضت مساحات العلبة.

عن afaf

شاهد أيضاً

هاني شاكر عن حفل العندليب : تجربة جديدة ومختلفة وسأكررها في اكثر من دولة

بيروت – محمد برجي _____________________ في وقت قياسي نفدت جميع تذاكر حفلة هاني شاكر المقررة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *