وضع الله سبحانه وتعالى المرأة في أساس التكوين البشري فيها صلاحه وفساده، فجعل فيها التربية الأولى، وجعلها امرأة ثوب للرجل وهو ثوب لها الستر فيها، فان صلحت المرأة صلح المجتمع وإن فسدت فسد المجتمع، لذا تربية المرأة لتكون خلاقة قوية عاقلة لها أهمية كبيرة، أما كانت أو أختا أو ابنة ففي كل حالاتها عظيمة. وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في خطبة الوداع يوصي الرجال بالنساء بعده، فقال: “استوصُوا بالنساءِ، فإنَّ المرأةَ خُلقتْ من ضِلعٍ، وإنَّ أعوجَ شيءٍ في الضِّلعِ أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمُه كسرتَه، وإن تركتَه لم يزلْ أعوجَ، فاستوصُوا بالنِّساءِ”.
واليوم الثامن من مارس يصادف يوم المرأة العالمي حيث يحتفل العالم به تكريماً لإنجازات المرأة، وتعزيزاً لحقوقها، وقد اعتُمد هذا اليوم من قِبل الأمم المتحدة منذ عام 1975م، وأصبح يوم المرأة تاريخاً عالمياً خاصاً بالنساء في جميع بلدان العالم، ويعد يوم المرأة العالمي مناسبة يحتفل فيها بالتقدّم نحو ضمان حق المرأة في المساواة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تمكينها، والاعتراف بإنجازاتها، ولهذا تهتم المنظّمات العالمية مثل اليونسكو في تعزيز جميع المجالات التي من شأنها تحقيق المساواة بين الجنسين، وإلى جانب ذلك أُصدر ميثاق الأمم المتحدة في عام 1945م، وهو أول اتفاق دولي يؤكد على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، ومنذ ذلك الوقت ساهمت الأمم المتحدة بوضع الاستراتيجيات، والمعايير، والأهداف المتفق عليها دولياً من أجل النهوض بوضع المرأة في جميع أنحاء العالم.
ففي المملكة العربية السعودية دعمت القيادة الرشيدة في المملكة خلال الفترة الماضية، المرأة السعودية على كل المستويات واستطاعت أن تمنحها حقوقًا كثيرة، وذلك في كل المجالات وداخل جميع مناطق المملكة، حتى استطاعت الرياض أن تحصد منذ أيام لقب “عاصمة المرأة العربية 2020”. وجاء حصول الرياض على هذا اللقب لدورها في دعم المرأة وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا، وتأكيدًا لدورها الريادي والمؤثر في القطاعات الحيوية. ولم يقتصر الأمر على الرياض فقط بل إن البنك الدولي أكد، في تقريره الأخير عن المرأة وأنشطة الأعمال، تحقيق المملكة العربية السعودية أكبر تحسن على مستوى العالم في مجال تمكين المرأة.
ففي المجال الاجتماعي الذي أصبح ضمن أهم أهداف ومتطلبات رؤية 2030، المتعلقة بتفعيل دور المرأة في المجتمع والاستفادة من إمكاناتها وطاقاتها المختلفة. سجلت المرأة السعودية حضوراً بارزاً ونموذجاً مميزاً ومبتكراً في العمل الاجتماعي والاقتراب من نبض المجتمع ومتطلباته واحتياجاته، وذلك بالانضمام للجمعيات الأهلية والفرق التطوعية والمنظمات الفاعلة التي تتبنى أعمالاً ومشروعات تنموية كبيرة، تعنى بكل ما يخص تنمية ودعم المرأة والطفل والأسرة بشكل عام. ويوماً بعد الآخر تلفت المرأة السعودية أنظار المجتمع نحو كل ما تقدمه من أعمال وأنشطة تسهم بشكل فاعل في تنمية واستمرار العطاء والتواصل الإنساني والتلاحم الاجتماعي، فالعمل الاجتماعي الذي تقوم به المرأة السعودية هو عمل تراكمي ومتنوع في مجالاته، وذلك من خلال وجود الجمعيات النسائية التي أتت بأساليب جديدة للعمل الاجتماعي النسائي المؤسساتي والذي بدأ بجهود نسوية وأصبحت بذلك حجر أساس في الخدمات الاجتماعية والإنسانية والتطوعية، وكما نشاهد اليوم وجودها في مجال التعليم والتدريب التطوعي، والتثقيف، ومساعدة الأسر المحتاجة، وحل مشكلات الفتيات، والاهتمام بقضايا المرأة، وخدمات الحج والأوقاف، بل إنها اليوم أكثر من يترأس الفرق التطوعية التي تهتم بجوانب اجتماعية مختلفة، وبتنا نلاحظ أن عمل المرأة السعودية الاجتماعي هو عمل تنموي قبل كل شيء، إذ لم تعد تركز على المساعدات المادية فقط، بل تهتم بالتأهيل والعلاج والتعليم والتدريب وغيرها الكثير.
وأصبحنا نسمع عن رائدات للعمل الاجتماعي النسائي في كل منطقة من مناطق المملكة ووجدنا أن هناك اهتماماً خاصاً من القيادة الرشيدة بهذا الجانب، حيث نصت رؤية المملكة 2030 على تفعيل دور المرأة في المجتمع، ومن ذلك زيادة عدد المتطوعين والمتطوعات من 11 ألفاً إلى مليون متطوع ومتطوعة، وبما أن المرأة السعودية أصبحت على درجة كبيرة من التميز والتعلم، فإنه من الاستحالة أن يتم تجاهلها من قبل هذا الحراك، وبالتالي فإننا أصبحنا نجد كل يوم أسماء نسائية لامعة في سماء العمل الاجتماعي السعودي.
إضافة إلى تشجيعها على الدخول في جميع مجالات الاقتصاد والمشاركة في التنمية، وأصبحت المملكة تحتفي برائدات الأعمال سنويًا في اليوم العالمي لرائدات الأعمال؛ لتثقيفهم بكيفية بناء الشخصية الريادية، ومعرفة المقومات الاستثمارية على المستوى الشخصي وعلى مستوى الدولة، وكيفية اغتنام الفرص. فالبناء الاقتصادي والاجتماعي لا يكتمل إلا بمشاركتها، واستثمار طاقاتها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها كتوجه استراتيجي.
*سفيرة الإعلام العربي
*مسؤولة الإعلام بجمعية كيان للأيتام