الى متى سنخاف من المطر يا معالي الأمين ؟؟ .. بقلم / د. غادة ناجي طنطاوي

أصبحنا في كل يوم نستيقظ على خبرٍ جديد من أخبار الكوارث الطبيعية، زلزالٌ يحصد الآف الأرواح، بركانٌ ثائر يحرق الأخضر واليابس، إعصارٌ يدمر البيوت، فيضانٌ يغرق بعض المدن، وأتفاجأ بكم الإحتياطات المتخذة في دول العالم.. اليابان، ايطاليا، أمريكا وحتى شرق آسيا، سواءً كان تنويه من الإعلام أو حملات من جمعية الهلال الأحمر.

سنواتٌ مضت على كارثة سيول جدة عام ٢٠٠٩، يوم لن تنساه العروس التي استيقظت على فاجعة راح ضحيتها أرواحٌ حولت الكثير من البيوت إلى سرادق عزاء. بالأمس شهد أهل محافظة جدة نفس المأساة، كأن التاريخ يعيد نفسه، مازلنا في بداية موسم الأمطار وحدث ماحدث، كالعادة..تحولت أنفاق جدة إلى خنادق بحرية تسبح فيها السيارات، الشوارع أضحت بحيرات لا تليق بالسيارات كوسيلة تنقل، ولنقل بأن وجود قارب بمجدافين أصبح ضرورة ملحة في كل بيت في موسم الشتاء.

باتت الأمطار مصدر قلق يثير الرعب بين الناس ويلزمهم بالبقاء في بيوتهم عوضًا عن الخروج والإستمتاع بالجو الماطر، حتى الأطفال ارتبطت في أذهانهم الأمطار بتعليق الدراسة..!! اختلطت شبكات الصرف الصحي بمياه الأمطار في الشوارع ولم يعد ماء زلال فقط، بل غدا ماء آسن ينشر الأمراض، والمواطن قابع في سيارة عائمة وسط الشارع بلا حولٍ ولا قوة..

لست عالمة أرصاد جوية ولا خبيرة جيولوجيا حتى أُنَظِر، لكني أعلم تمامًا بأننا غير مؤهلين للتصدي لأقل الكوارث الطبيعية ضررًا مقارنةً بما ذكرته في أول المقال.. وكيف لنا ذلك ونحن لدينا إعلامٌ يغطي على إحتمال هطول أمطارٍ قوية، يغطي على إحتمال وقوع زلازل، يغطي على إحتمال وجود أرضٍ سبخة لا تصلح لإقامة أي منشأة عليها، بل و يصدروا تصاريح بناء، يتستروا على مباني آيلة للسقوط بحجة أنها دواعٍ أمنية..!!

هل يوجد دواعٍ أمنية أوضح مما عليه الوضع حاليًا حتى يفصحوا؟؟ أصبحنا في عصر التكنولوجيا والسوشيال ميديا.. هذا الجيل واعي، مثقف ولا يحتاج لإعلام يتستر على الحقائق.

بالأمس انطلقت صافرات الإنذار في بعض المناطق التابعة لمدينة جدة، تلاه تصريحٌ من الدفاع المدني، هيئة الأرصاد الجوية تعلم بهذا الوضع مسبقًا ومالذي فعلته..؟؟ أرسلت مشكورة بعضًا من التحذيرات الإعتيادية التي نقرأها كل مرة بنفس الأسلوب والفكر!! ولا أنكر إجتهاد البلدية في سحب المياه من الشوارع مخلفةً ورائها بعضًا من قضايا الفساد التي لم تحل مختلطة بالوحل.

عفواً معالي وزير التعليم، جامعة المؤسس غدت في خبر كان، نحن لا نملك هيئة أرصاد منزلية تعطينا الأخبار على مر الدقيقة، لا نملك إحصائية بعدد المدارس الموجودة في مجرى السيل، ولا تقريرًا عن عدد المنشئآت التعليمية الآيلة للسقوط. وفي سياق الحديث، بما أن قرار الغياب بات بيد الطلاب فماذا ستفعل أنت؟؟

معالي الأمين.. استبشرت بقدومك خيرًا، وقلت عفا الله عما سلف في قضية ملياري ريال سعودي صرفتها الدولة، كانت من المفترض أن تغطي كافة مناطق المحافظة في سنة ٢٠٠٩، ثم تلاها تصريح من مصدرٍ مسؤول بأن أمانة بلدية جدة لم تغطي سوى ٧٠% من شبكة صرف مياه الأمطار وأنها تحتاج ٣ مليارات أخرى..!!

ملياري ريال قادرة على تغطية ٧٠% و نحتاج ٣ مليار لتغطية ال٣٠% المتبقية..؟؟ تصريح فتح باب المسائلة على مصرعيه لكل من أساء استخدام سلطته آنذاك وانطوت صفحة القضية، كأن العروس تلهث في مارثون لتتصدر موسوعة جينس العالمية في فساد البنية التحتية.

ومن منبري هذا نيابةً عن شعب بلادي، فإني أشكر الأمطار التي كشفت القناع عن وجه الفساد، أشكر بلدية جدة على جهودها و أناشد الجهات المسؤولة التالية؛ معالي وزير الإعلام..نحتاج شفافية في نقل الأخبار.. معالي وزير الإقتصاد والتخطيط، نحتاج جدية في دراسة و تقييم الأوضاع من الناحية الجغرافية. معالي وزير المالية، نحتاج هيئة متابعة حازمة لما تصرفه الدولة من مبالغ في سبيل مشاريع شبكة تصريف مياه الأمطار التي لم تنفذ حتى الآن. و أخيرًا معالي الأمين، للمرء من لقبه نصيب، نحن نستحق الأمانة.

عن afaf

شاهد أيضاً

لماذا نكتب ؟.. بقلم الكاتبة / وفاء بنت إبراهيم باعشن

  نحن نكتب لأن الله قد أقسم بالقلم و ما يسطرون , إذاً القلم لها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *