جميعنا نستمتع بالقصص، ورقية كانت، أو صوتية، أو حتى قصص مصورة، و ذلك لأخذ العظة، و العبرة، و الفائدة، و نعود لنفس القصص بسبب اشتياقنا لعيش أحداث القصة و شخصياتها، و نبدي تقييمنا المفصّل لكل قصة جميلة أو سيئة . , أما قصص القرآن لا تحتاج لتقييم مخلوق، لأن القرآن كتاب سماوي. ,و من وجهة نظري، أجد أن كتاب الله هو مخلوق حي، يخاطب كل من يقرأه، و يرشد كل الأرواح، مع اختلاف عمر، و وعي، و عقل قارئ الكتاب.
و لم يتم تفسير، و مراجعة أفضل كتاب بالكون من قبل نبي الله محمد عليه السلام، و لا من قبل الصحابة، و لا الخلفاء، بل قاموا بإرشادنا بضرورة تدبر آيات الله. ,و كل كتب المفسرين لديننا، كانت اجتهادات شخصية فقط لعلماء عاشوا في أزمنة مختلفة تماماً، و الآن لا تصلح معظم تفسيراتهم لمتطلبات عصرنا. ,و مازال هناك في مجتمعنا من يبحث عن أشخاص ذو ثقة، و جهات دعم تقدم مراجعات فنية، و تقييم أدبي لقصص تسرد من قبل مؤلفين مبدعين. ,و من هنا شاعت صيحة مراجعات الكتب، و التقييمات المعلنة في صفحات المواقع الاجتماعية، و أصادف أحياناً من ينشر تقييم عالي لقصة مليئة بالإيحاءات الجنسية، و يشجع متابعيه لقراءة هذه الكتب المثيرة للعواطف و الرغبات الشهوانية، و أجد هناك من يقدم تقييمات رسمية بإصدار أحكام عن طريق الأرقام، و النجوم الخمسة لمدى جودة محتوى الكتاب!
- أليس الكتاب خير جليس و صديق للقارئ!؟ .. فكيف نطلق أحكامنا على أصدقائنا من الكتب.
- هل حقاً سنقوم بتقييم أصدقائنا من عشرة او اعطاء نجوم، إن لم نجدهم داخل أغلفة الكتب!؟
و بما أنني لا أحبذ فكرة إطلاق أحكام مصيرية لا على البشر و لا على الكتب، قررت عمل تجربة صغيرة، و استفتاء بسيط منذ فترة., طلبت تقييم لقصصي و الحصول على آراء الأهل، و الأصدقاء، و المقربين، و أيضاً المختصين، لكن كان الطُعم، هو تقديم قصص قصيرة عالمية تعود لأديب روسي معروف ب تشيخوف، و قمت بتغيير أسماء الشخصيات، و طلبت نقدهم في عمل لا يعود شهرته لي، فقط لقياس صحة التقييم، و سعدت أن أغلب الأصدقاء كانوا أوفياء و قاموا بتشجيعي دون ملل و لا كلل، و بعض المقربين تجاهلوا بإعطاء النقد، بسبب خوفهم لتدمير شغفي، و تحطيم عزيمتي. و منهم من أخبرني باختصار أنه ليس نوعهم المفضل من القصص. ,و بعضهم تراجع من توقيع التعهد الخطي لاستلام قصصي، و تعذّر من إبداء رأيه، لما قد يترتب عليه من مسائلات قانونية لو تم تسريب و سرقة القصص. ,و هناك أيضاً من لجأ بالتقييم النسبي، و النقد الوهمي الغير شافي، فقط لإظهار قدرته على نقد عمل أي كاتب دون وجود سبب مقنع، حتى و لو كان العمل المرفوض نسخة عربية من قصة روسية، و هو يجهل أنه يوجّه نقد ما تم تصوير أفلام عالمية لذات العمل المنتقد.
فأدركت بعد عمل التجربة، أن من يعرفنا، يخشى أن ينتقدنا، أو يبدي رأيه الصريح، حتى لا يجرح مشاعرنا المتأملة بكل خير من العالم. ,و مع ذلك، أشكر كل واثق عليم بقدرته على تقييمي و إطلاق أحكام لأعمالي، و أشكر كل طيب حليم رفض تقييم عملي و قام بتوجيهي و إرشادي، لكنني أرى أن التقييم الأدبي موجه لقرّاء و فئة معينة، و ليس لكاتب حر لا يشغل باله آراء الناس، لأنه يكتب، و يجرّد شعوره، و يعرضه بكل ثقة، ليجد من يصادق كلماته يوماً ما.