إن الإحسان إلى اليتيم خلق إسلامي رفيع حثنا الإسلام عليه وندبنا إليه، بل وجعله من أفضل الأعمال وأزكاها، والاهتمام باليتامى، والوقوف على شؤونهم مدح شرف، ومنقبة وثناء.
كم يحتاجنا الأيتام … لنقف معهم ونمسك بأيديهم إلى بر الأمان , كم يحتاجنا الأيتام … أن نجود حياتهم ونكون عونا لهم في تخطي الصعاب لتحقيق الأحلام , كم يحتاجنا الأيتام … لنقف معهم وقفة رجل واحد وقلب واحد لننشلهم من متاهات الحياة وصعوباتها ونمسك بأيديهم لإنقاذهم من براثن الاحتياج والوحدة والقلق النفسي , كم يحتاجنا الأيتام … لا.. لنشفق عليهم بل لنرفع معنوياتهم ونقول لهم : أنتم قادرون أن تصنعوا مستقبلكم بأيديكم , كم يحتاجنا الأيتام … بأن نصنع منهم رجالا قادرين على نفع أنفسهم وحياتهم المستقبلية وأن يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع , كم يحتاجنا الأيتام … أن ننهض بهم إلى القمة , كم يحتاجنا الأيتام … أن نكون لهم أخوة وأباء وأمهات وخالات وعمات , كم يحتاجنا الأيتام … لاحتضانهم وإشعارهم بالأمن والأمان والدفء العائلي الذي حرموا منه كم وكم وكم وكم يحتاجنا الأيتام ..
ومن نحن؟ … نحن أفراد المجتمع المسلم مهما كانت صفتنا الاعتبارية وزراء، مسؤولون، عمداء جامعات، رجال أعمال، أطباء، مدراء، مستثمرون، أصحاب شركات أو مؤسسات، مهما كانت رتبنا، وعلت مرتبتنا نبقى بشر الرحمة تملأ قلوبنا .. والأصالة معدننا، والإنسانية صفاتنا، ومحمد صلى الله عليه وسلم نبينا وقدوتنا فقد قال عليه الصلاة والسلام “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما” فديننا الإسلامي الحنيف يحفظ للناس حقوقهم وأموالهم، ولا يضيع الضعيف في مجتمعنا الإسلامي، بل يبقى حقه محفوظا، ولهذا جاء الترغيب بحفظ هؤلاء الأيتام، والقيام على شؤونهم، “أنا وكافل اليتيم”، والكافل هو الذي يقوم على رعايته، سواء كان ذلك بالمال أو كان بتربيته والقيام على شؤونه.
فقد جاء انطلاق “الملتقى الافتراضي لتوظيف الأيتام تحت شعار عصامي “والذي نظمته الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام “إنسان” وافتتحه صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض والمستمر أسبوعا كاملا بمشاركة جمعيات الأيتام في المملكة ومنهم ” جمعية كيان الأهلية للأيتام ذوي الظروف الخاصة مجهولي الأبوين ” ، ومشاركة أكثر من 23 خبيراً ومتحدثاً من داخل المملكة وخارجها يناقشون أهم التحديات التي تواجه توظيف الأيتام وأبرز الفرص الوظيفية التي يتم تأهيل الأيتام على ضوئها “وظائف المستقبل” إضافةً إلى الدورات التدريبية والاستشارات، حيت جاءت هذه المبادرة من جمعية “إنسان “في وقت الأيتام هم بأشد الحاجة إلى توظيفهم ليثبتوا وجودهم بالمجتمع ويساهموا في بنائه ، وما أجمل الدور العظيم الذي تقوم به جمعية “كيان للأيتام ” في تمكين الأيتام وتأهيلهم التأهيل الاجتماعي والوظيفي، إضافة إلى تأهيل الأسر ليكونوا عونا للأبناء في التأهيل النفسي والمهني ورسم الطريق إلى التميز الوظيفي وفق رؤية 2030.
وقد سعد الجميع بتدشين المنصة الوطنية لتأهيل وتوظيف الأيتام في جميع مناطق المملكة من خلال طرح الفرص الوظيفية المتاحة في القطاع الخاص وتأهيل وتدريب المستفيدين من جمعيات رعاية الأيتام بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل، وتقديم جلسات استشارية وإرشادية للمتقدمين بطلب الوظائف، ومن هنا ستتاح فرصة تنظيم شراكات فاعلة مع جهات التدريب والتوظيف لدعم المستفيدين. كما ستتيح المنصة للمستفيدين في جميع المناطق تسجيل طلبات التوظيف وإرفاق السيرة الذاتية، وستعرض الشركات والمؤسسات في القطاع الخاص الوظائف المتاحة لديها ووسائل التقديم والتواصل معها، وإمكانية إقامة فعاليات للتوظيف في تلك المنصة. وهكذا يتم نقل مستفيدي الجمعيات الخيرية ومنظمات القطاع غير الربحي من الرعوية إلى التنموية المنتجة وتحقيق الاستدامة والاكتفاء الذاتي للأيتام وإشراكهم في التنمية الاجتماعية.
كل الشكر والتقدير لكل القائمين والداعمين والمشاركين والحضور الكريم عن بعد في هذا الملتقى الرائع والهادف.. حقا تلك هي متعة العمل، فلا شيء يجعلنا سعداء سوى أن نرى أنفسنا ونحن ننجز شيئاً ذا معنى.
ألم أقل لكم في البداية كم يحتاجنا الأيتام؟!…