عندما يأتيني طيفُك
كطفلٍ خائف ٍ
متخفياً بين الأزقّةِ
يتحاشى حراسَ المدينةِ
متسللاً مع شعاعِ القمرِ
عبرَ زجاجِ نوافذِ ذاكرتي
الممتلئةِ
بجثثِ أشباحِ الماضي
ينعكسُ على مرايا الأمنياتِ
في غرفتي المظلمةِ
كفراشاتِ الفجرِ
وهي تعانقُ قطراتِ النّدى
على زهورِ الشّوقِ
السّكرى بعد سهادٍ طويلٍ
في صباحِ نيسان الحائرِ
المتشبّعِ برائحةِ الزّهورِ
وحبائلِ الشّمسِ
الهاربةِ من زنازينِ الغيومِ
أقوم أتوضأُ بماءِ الحنين
المتدفقِ من كوى الذكرياتِ
والتي تخالجُ أفكارَ العشّاقِ
لأتخلصَ من أوهامِ القلقِ
أتوجهُ إلى محرابِ عينيك
خاشعاً دون تردد ..
أرددُ تراتيلَ الغرامِ
المعتادةِ
وأكررُ نفسَ الأورادِ
التي كانت تتمتمها دقاتُ قلبِك
وهي ترفرفُ
كجناحِ عصفورٍ خائفٍ
عند كلِّ لقاءٍ
تتسارعُ مثلَ حبّاتِ المطرِ
حين تحركها الريحُ
العاتيةُ
بليالي تشرين
في صدورِ المحبّين
لتنتفيَ الجهاتُ
وتتبخرُ الأبعادُ
فتستلمُ لقدرِها المحتومِ
وتمتزجُ بحبّاتِ التّرابِ
ليجرفَها التيارُ الهادرُ
إلى عمقِ بحيرةِ الأحلامِ
الراكدةِ
لايعكرُ صفوَها
إلا نقيقُ الضّفادعِ
الحاقدةِ
فتتلاشى
مثلَ ظلامِ الليلِ
عند انبثاقِ ضوء الفجرِ
وتبقى زهراتُ النّرجس
وحدها تعانقُ الشرفةَ
وتتحدى اليأسَ
فعطرها
الدليلُ الوحيدُ
على مرورِك القصير..!