قراءة نقدية من الشاعر والناقد أ / يحيى معيدي لقصيدة ” توق” لمنى البدراني

أستاذي الفذُّ لي في نقدكَ الشرفُ

والشــكرُ – والله – إكباراً هنا يــقفُ

 

بيت ترتله الشاعرة منى البدراني

شكراً وتقديراً للشاعر والناقد الكبير / يحيى معيدي لقراءته النقدية لأبياتها،

حيث علّق في إحدى المجموعات الأدبية كاتباً:

 

 

توق!!

للشاعرة/ منى البدراني

هكذا هو الوجدان !

يصرخ ويعبّر حينما تلهبه الظروف بأنواعها مثل:

الشوق

الغربة

الفقد

وغير ذلك…

أما في هذا النص فقد كان الحظر هو الهاجس المحرك لحس الشاعرة ؛ لتنسج لنا نصا باذخا في هذا الشأن

ويبقى الحظر مع مافيه من قيود الحل الأمثل – إن شاء الله- لمعانقة الأحبة في روضة الأمل والاستبشار، وحلل الأنس والسرور

رسمت شاعرتنا تجليات رائعة في نص تفعيلي بديع منسجم جدا

بدأت بالاستفهام المنبثق من الإحساس المشتعل بالشوق للقاء

وذلك في قولها:

( لماذا الليل يبكينا)

( لماذا البين يدمينا)

صورتان متقابلتان رائعتان

والاستفهام هو الأسلوب الأمثل لتوجيه القارئ إلى الشيء الذي يعتصر في وجدان الشاعرة

(يبكينا…يدمينا)

ومن هنا بدأ التنوع الإيقاعي في القافية عبر النص لتفتح آفاق دلالات أخرى متنوعة؛

ولترسل جرسا موسيقيا من خلال نبرات الأحرف الإيقاعية

مثل:

( مآقينا.. عبرة.. نظرة.. عطره.. وجْد… سهد…  الخ….)

التصوير الجميل والكناية في قولها:

( فجمر الشوق ألهبنا)

فقد شبهت الشوق بالنار الملتهبة، ولكنها نار الأحاسيس المشتعلة من تباعد الأحبة في ظل ظرف الحظر بسبب هذه الغمة…نسأل الله أن يرفعها عن

الأمة

ومقابل ذلك أطّرت صورة أخرى مردوفة، لتكون وجها آخر للحدث مع تلك الصورة الأولى:

( تترجمه مآقينا)

والصورة بديعة بإيراد مفردة الترجمة…

إنها الدموع التي تخط على الوجنات أثر الشوق!!

وليس ذلك فحسب

بل العبرة المسافرة هناك بعيدا بعيدا من خلال النظرة الهائمة في أفق الموقف والحدث

الاستعارة الحلوة في قولها:

( تسافر في سما نظرة)

استخدمت الشاعرة نوعا من البديع لتطريز النص

فهناك الجناس الناقص مثل:

عبرة و نظرة.

ومثل:

حاء وباء

ولم تكتف الشاعرة بالإيحاءات الحركية، بل أجادت في إيحاءات صوتية مثل:

( إلى همس يخالجني)

وتقييد الهمس بالمخالجة توظيف جميل جدا

وليس ذلك فحسب بل جسدته وجعلت له عطرا فواحا

وهو مايحتاجه اللقاء حينها

ثم ذكرت الشاعرة بقية الهالات المرسومة عبر وجدانها، والتي أشعلها ذلك التوق …  ومنها:

الحب ( إلى حاء إلى باء)

أنفاس العينين .

وهنا تبرز الرمزية لدى الشاعرة ، فالعينان لهما دلالتهما المسترسلة في كيان كل حبيب لها تمثله تلك اللفظة

وتبرز الشاعرة صورة أخرى:

(شكا من حالها سهدي)

فالسهد ناتج عن السبب وهو الشوق، لكن الشاعرة بمهارتها جعلته يشكو أيضا

وفي نظري أن هذا يحسب للشاعرة، فقد صورت السهد شاكيا، ولعلها تشير إلى طول المدة

ثم عودة للاستفهام لكنه هنا للزمان

( متى يأتي)

لبيان مجال الانتظار!!

تصوير الشاعرة للقاء حيث الحضن للحضن

والعين للعين

والوشوشة التي تناغيها

ركزت الشاعرة على الحضن، والعين

وهما أساسان  في لقاء الأحبة والمحبة

وتسترسل الشاعرة في استفهامها لتزيد من التعبير عن حرارة الشوق الملتهبة

استخدام أسلوب التعليل في قولها:

( فهم للروح ترياق)

( وفي دنياي إغداق)

( ونبض القلب تواق)

ثم تصوير الفرحة المتخيلة المرتقبة في قولها:

(سأعزف حينها طربا)

وتختم الشاعرة بابتهال من خلال التسابق للجنة، والتعبير بالجنة قد يكون تجسيدا لمن اشتاقت إليهم كالأم والأب وبقية الأحباب

ثم التعبير عن شكر الله عز وجل بسجدة تكون عند اللقاء المرتقب… وهو المستشف من قولها:

(إلى الوهاب ممتنة)

وذلك اقتباس معنوي ولفظي مما جاء في القرآن الكريم

نسجت الشاعرة نصها على تفاعيل البحر الوافر، فجاءت موسيقى النص متسقة عذبة سواء في حرف الروي المتنوع ،أو إيقاعات الألفاظ داخل الشطر الواحد

عاطفة الشاعرة صادقة ، ملتهبة بالشوق، فجاء النص بديعا

ألفاظ النص مناسبة ومعبرة ومنتقاة تبعا للدلالة والتوظيف.

 

أهنئ شاعرتنا خنساء المدينة على نصها المنسجم البديع

تحياتي.

 

عن afaf

شاهد أيضاً

لماذا نقرأ ؟.. بقلم الكاتبة فائزة بحري

لماذا نقرأ ؟.. تصدر الأمر الرباني بقوله اقرأ أوائل ما أنزل على النبي الأمي صلوات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *