_الخوف من حبر القلم وقلم النقد_ للكاتب والقاص حسين السنونة

زاوية شهرية | غداً سيحدث شيئاً ما – للكاتب والقاص حسين السنونة

__________________________________________________________________

على مدار سنوات طويلة من العمل الصحفي والاحتكاك المباشر وتكوين علاقات خاصة مع جماعة المثقفين والأدباء اكتشفت ان هناك الكثير من الأدباء والصحفيين لديهم أعمال أدبية تتوزع بين الشعر والقصص أو حتى الرواية وكتابة مذكرات السيرة الذاتية ، ولكن للأسف تنتابهم حالة من الخوف والحذر من النشر، رغم الإلحاح من بعض أصدقائهم , هذه الحالة مثيرة للاستغراب ، وتدعو إلى التفكر والتساؤل : لماذا الخوف والامتناع ، رغم ما يمتلكونه من أدوات وخبرات ورؤى إبداعية وفكرية ، حتى أنهم ليفوقون الكثير ممن لهم اسم واصدار وأضواء في المشهد الثقافي ، ورغم أن بعضهم له اسهامات نقدية وحضور فاعل في الحراك الثقافي والإبداعي ، ويحرض على المشاركة في المناسبات الثقافية والندوات الفكرية في المنتديات الادبية الخاصة أو الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة ، او حتى الجلسات التي يجتمع فيه الأصدقاء من خلال جلسات حوارية في مقهى أو جلسات شبه خاصة.

قبل الخوض في بعض الأسباب نطرح تعريف الخوف ,..

الخوف كما يصفه بعض علماء النفس هو الشعور الناجم عن الخطر أو التهديد المتصور ويحدث في أنواع معينة من الكائنات الحية ، ويقوم بدوره بالتسبب في تغير في وظائف الأيضية والعضوية ويفضي في نهاية المطاف إلى تغيير في السلوك ، مثل الهروب – الاختباء – أو التجمد تجاه الأحداث المؤلمة التي يتصورها الفرد. وقد يحدث الخوف في البشر ردا على تحفيز معين يحدث في الوقت الحاضر، أو تحسبا من توقع وجود تهديد محتمل في المستقبل كوجود خطر على الجسم أو الحياة عموما. وتنشأ استجابة الخوف من تصور لوجود خطر ما ، مما يؤدي إلى المواجهة معه أو الهروب منه وتجنبه “المعروف أيضا باسم استجابة القتال أو الطيران”، وهذه الاستجابة في الحالات القصوى من الخوف “الرعب والإرهاب” يمكن أن تؤدي إلي التجمد أو الشلل .

في البشر والحيوانات ، يتم تعديل الخوف من خلال عملية الإدراك والتعلم وبالتالي يمكن الحكم على الخوف بأنه خوف عقلاني “منطقي” أو الخوف المناسب ، وهناك أيضا الخوف غير العقلاني “غير منطقي” أو غير المناسب ويسمى الخوف غير العقلاني بالرهاب .

ومن جانب آخر يرتبط الخوف ارتباطا وثيقا بالتوتر، ولكن ينبغي أن يفرق بين الخوف والتوتر، والذي يحدث نتيجة التهديدات التي ينظر إليها على أنها لا يمكن السيطرة عليها أو لا يمكن تجنبها. وتخدم استجابة الخوف غريزة البقاء على قيد الحياة عن طريق توليد الاستجابات السلوكية المناسبة لذلك فقد كان تم الحفاظ عليها طوال عملية التطور.

نعود لنطرح بعض الأسباب التي يراها هؤلاء الادباء غير المعلن عنهم مع التحدث عنهم بشكل مختصر.

“ليس هناك في الساحة ما يستحق”

شاعر غير معلن عنه يمتلك الآن أكثر من ستة دواوين شعرية محفوظة في أدراج مكتبته في المنزل، وقد أطلع بعض الشعراء وأكدوا له أنها تستحق النشر وأنه مجرم بحق الشعر وبحق نفسه، وعند التحاور معه قال: ليس هناك في الساحة ما يستحق النشر، هكذا رد، رغم أنه يمارس بشكل كبير وقوي ويعاني ممن يوجه لهم النقد.

في الواقع ليس صحيح ما يقوله إنه ليس هناك في الساحة ما يستحق ان ينشر، بل هو خائف من أفواه النقاد، وأقلام النقد الناضجة ، بل أكثر من ذلك هو يرتعب من أن من انتقدهم بالأمس يستلمون رقبته الشعرية اليوم ، فينساب حبر رقبته ويختلط مع قوة حبر قلم النقد.

“النرجسية والأنويّة”

ناقد ولكن بدون أسنان وأضواء، وقد اطلعت شخصيا على الكثير من كتاباته كانت قوية متينة ناضجة ، ومتابعة بشكل دقيق للمشهد الثقافي وخاصة الاصدارات العربية والخليجية والمحلية في الرواية والقصة ، هذا الناقد الغائب عندما تحدثت معه عن أسباب عدم النشر والمشاركة بما يمتلك من قدرة نقدية ، رد ردودا مغلفة بالنرجسية والأنويّة بشكل صارخ وواضح ، لدرجة أنك لا تستطيع العودة له وهو ما يريده ، ومما يؤسف له أنه الآن لا يمتلك من الأصدقاء إلا جدران غرفته.

وربما يعود ذلك إلى التطورات الاجتماعية وما نتج عنها من رهاب اجتماعي ، ويؤكد علماء النفس انه وبالرغم من أن الإصابة بالرهاب الاجتماعي تحدث في مراحل مبكرة إلا أنه يعتبر أيضاً من الاضطرابات النفسية المزمنة التي قد تستمر عشرات السنين ، والتى تؤثر بصوره سلبية على حياة الشخص اليومية والإجتماعية والعملية. ومع ذلك فإن المصابين بالرهاب الاجتماعي حتى مع علمهم بهذه الحالة قد يتأخرون في طلب العلاج سنين عديدة ، إما بسبب خجلهم من الحالة نفسها أو خوفاً من مواجهتها والاعتراف بوجودها.

في النهاية يمكن القول أن سبب خوف هؤلاء وغيرهم من الذين لم نراهم أو نرى إصداراتهم الابداعية والفكرية ، يكمن في مرض طفولي أو نشأ منذ الطفولة ويتمثل في : الخوف من المجهول ، عدم الثقة بالنفس حتى لو حاولوا أن يثبتوا عكس ذلك من خلال المشاركة في فعالية أو كتابة في منتدى أدبي أو فكري ، وأيضا استطاع الخوف الذي يتملكهم أن يؤسس لخوف غير عقلاني ولد بدوره خوفا من الآخر ومن القادم.

ويبقى أن نشير إلى أن من سلبيات حالة هؤلاء ، الاستمرار في الخوف والعزلة غير المعلنة مما يؤدي للاصابة مع تقدم العمر بالكسل والخمول والانعزال خاصة مع فقدان الاصدقاء .

عن afaf

شاهد أيضاً

لماذا نقرأ ؟.. بقلم الكاتبة فائزة بحري

لماذا نقرأ ؟.. تصدر الأمر الرباني بقوله اقرأ أوائل ما أنزل على النبي الأمي صلوات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *