_اللغة المسافرة _.. للشاعر عبدالله بن مسفر الزعبي

مَن تلكَ في ثوبِ الفصاحةِ تَنطقُ   وجمالُها  بين العوالمِ يُشرقُ؟

تمشي على بعدٍ وفي أهدابها    حرفٌ على رغم الأسى يتألقُ

تتراقصُ الكلماتُ حولَ جفونِها  وجبينُها تحتَ الأشعةِ يَعرقُ

واستشعرتْ فَقْدَ الأحبةِ فانطوتْ  ألما وهذا الفقدُ شيءٌ مُحرقُ

أخذتْ تُفكرُ في الزمانِ وأهلهِ  وزمانُها فوقَ المجرةِ مُعرقُ

كانتْ على الأطلالِ يَندى صوتُها  والشعرُ حولَ بيوتِها يَتحلقُ

جَمعتْ كنوزَ الفخرِ في أثوابِها  وخيولهُا طولَ المدى ما تُسبقُ

كمْ في المعاجمِ من سطورٍ أتعبتْ  ذهنَ اللبيب وذهنَ مَن يَتشدقُ

تتلعثمُ الأفكارُ في تَبيانها  والضادُ يحضن روحها ويُفتقُ

لغةٌ تُسافرُ في الخلودِ يَتيمةٌ  وعلى اللغاتِ بجذرِها تَتَفوقُ

سافرْ مع الألفاظِ في رحلاتها  حيثُ المعاني رحلةٌ ما تُلحقُ

هي روعةُ الإعراب في تشكيلها  تأتي إليك بعمقها تترفقُ

حركاتها معنى يُراد بفكرةٍ    وتَغير الحركاتِ أمرٌ شيقُ

نَبَْض الحروفِ  عوالمٌ في سبكها   فهي البحارُ تلاطمتْ والزورقُ

حتى أتاها الفجر وهْيَ أميرةٌ    فغدت ملاكا ثوبها إستبرقُ

لغةٌ بآيات الكتاب تشرفتْ  وحروفها  من كل سحرٍ تَبرقُ

حضنت حروف الوحي وهي جديرة    والعطرُ من أردانها يُستنشقُ

والحرفُ في القرآن أعلى قيمةً    يَبقى وفي الأخرى يُرى ويُحققُ

صارت وعاءً للنبوة كلها    والماء من تلك النبوة مغدقُ

كم سافر العلماء في أنحائها   وحصانهم بين الروابي مطلقُ

هذا وقد  قتل الضياعُ حصانها   وبقت تُجرجر في الطريقِ وتوثقُ

تتناثر الكلماتُ وهي حزينةٌ   وحروفها بين  المدائن تُطرقُ

أكذا الجميلة في الوهاد طريدةٌ؟!  تُرمى بأنواع العداءِ وتُرشقُ

حتى إذا تعبتْ أتاها فاتكٌ   يأتي بسكينِ الضياعِ ويخنقُ

ويُجرجرُ العذراءَ من أثوابها   ودماؤها  من غفلةٍ تتدفقُ

تركَ الفتاة على الطريق جريحةً   تُبدي الأنينَ لمن أتى وتحدقُ

حتى أتاها ناصرٌ من أهلها    وعلى العروبة والفصاحة مشفقُ

يَدنو وتدنو عبرةٌ من قلبهِ    :ما للفتاة على الموائد تُصْفق؟!ُ

أخذّ الفتاة  إلى المنابر قائلا   أكذا تجرجر في البلاد وتُحْرقُ؟!

مسحَ الدموع بكفهِ فتهللتْ   وجبينها رغم المآسي مشرقُ

نبضَ الحنينُ بحرقةٍ فتكلمتْ   وهي التي من حزنها تُستنطقُ

قالتْ : بياني قد يجفُّ من الأسى  وحروفهُ بين  الأصاحبِ تخنقُ

قد أدخلوا حرفا دخيلا في الحشا  والحرفُ في الأحشاء دوما مقلقُ

وضعوا السلاسل في الحروف وقيدوا   متني بأطراف  المداد وفرقوا

ظنوا التشدق بالحروف فصاحة.  وهمّ بأذهان الغباوة يعلق

أختي الكفيفةٌ أصبحتْ أمّارةً   وهي التي من كلِّ حرفٍ تَسرقُ

وبقربها شقراءُ تعصف بالملا  وأصولها عن أهلها تتفرقُ

يَكفيكِ  يا عذراءُ أنَّ كتابَنا  حرفٌ على ظهرِ الفصاحةِ يُطلقُ

قالتْ : قصمتَ الظهرَ يا هذا الفتى  قلت الفتى لغةٌ علينا تشرق

عن afaf

شاهد أيضاً

لماذا نقرأ ؟.. بقلم الكاتبة فائزة بحري

لماذا نقرأ ؟.. تصدر الأمر الرباني بقوله اقرأ أوائل ما أنزل على النبي الأمي صلوات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *