الوردة والإعصار
(1)
سُقِيَتْ بأنغامِ السّحَرْ
واستنشقتْ ضوءَ القمرْ
تدنو إلى أنغام بســــمتها ترانيـــــــــم الوترْ
من سحرها العذْبِ الــمعتّقِ جاءنا قوسُ المطرْ
وعبيرها سر الحيــــاةِ
ونــــور صُبْحٍ مزدهرْ
وفَراشها من حولهــا
يزهـــــــو بألوانٍ تَسُـــرْ
كانت تراقصها
ويشــدو لـحنها ورق الشـجرْ
* * *
(2)
سمعتْ ضجيجًا يقلع الـقلب البريء بلا أثـرْ
قالــوا هو الإعصار آتٍ
فيه مــوتٌ لا مـفر
فتصير أحلام الهوى
أعجــــــــاز نخل منقعر
صاحت بأعلى صوتها:
يا قـومنا هل من مفرْ؟
ريحٌ ستقلع كل أحــــلامي
ونـــارٌ تستـــعرْ
قالـت لهـــا الأكـــوان:
إن حياتنـــــــــا كـرٌّ وفـرْ
إما صمودٌ كالجبــــالِ
أو استكيني للضجـرْ
* * *
(3)
فأتى بريـــحٍ
ثم نـــارٍ يستشيط بها الشـــررْ
الغابة الغناء صــــــارت فحمةً
والليــل قَــرْ
تبدو الحياة كئيبةً
في يوم نحس مستمرْ
إعصارها في العنفوانِ
يقول حتمًا لن أذرْ
في كفهِ البؤس المقيــمُ
وعين شرٍ مستطرْ
لكنَّ وردتنا زهَتْ
وتأنقتْ رغم الضجرْ
لما تهيج الريح ماستْ بالرشاقةِ تزدهرْ
في أوج يوم البؤس راقصةً
ولم يدنُ الكدرْ
* * *
(4)
فاغتاظ إعصار العذابِ
بدا بعينيه الشررْ
فأتى بنارٍ أُوقِدتْ من رأس شيطان أَشِرْ
وكأنها نار الخليــل كما حكى عنها الأثرْ
فأحاطها اللهب البئيـسُ
فذابَ رملٌ والحجرْ
فاستجمعتْ كل العبيــرِ
ففاحَ عطرٌ وانتشرْ
خارَ اللهيبُ
وفجأةً ، أضوى وليس له أثرْ
* * *
(5)
شَهِدَ الزمانُ نُكوصَ إعــصارٍ
ووردٍ منتصرْ
وتتابعَ العطرُ المنغَّـمُ في صباحٍ منهمرْ
سُقِيَتْ به كل الجذورِ
فينتشي حُسْنُ الصورْ
عاد الجمال لغابةٍ فَنِيَتْ.
فهل من مُدّكِرْ ؟!
الكاتب : رداد الهذلي / مكة المكرمة