نرى دوماً أناس يتغنّون بجمال العصر الأندلسي و يلقبونه “بالفردوس المفقود”، و يجسّدون تاريخ ، و حضارة ذلك العصر الزاهي في مسرحيات ، و أفلام ، و مسلسلات تاريخية تمجّد تلك الحقبة الزمنية ، و لا ننسى روعة شخصيات الأدب الأندلسي من شعراء و كتّاب و علماء تم تخليد أعمالهم حول العالم.
- لكن ما الذي حصل فعلاً في العصر الأندلسي ؟
- و كيف يمكن تدمير عصر ذهبي مثل عصر الأندلس ، و أدى إلى زوالها بهذا الشكل الوحشي؟
قيل : إذا أردت أن تهدم حضارة أمة وتنأى بالجيل عن الوعي الحضاري الحقيقي ، فهناك وسائل ثلاث ، و هي :
- هدم الأسرة ، و ذلك بتغييب دور الأم و جعلها تخجل من وصفها “ربة بيت”، و إرهاق الرجل في توفير سبل العيش الكريم.
- هدم التعليم ، بتحقير المعلم و تهميشه ، وتتفيه التعليم و توجيهه إلى علم لا ينفع.
- هدم القدوة ، بالطعن في العلماء و أصحاب السير الطيبة و تشويه سمعتهم ، و ربما يكون إغراقهم في متع الحياة أحياناً ، أو كبتهم وقهرهم أحيانا أخرى ، طريقة فاعلة في هدم القدوة الحسنة , و من ثم تسليط الضوء على أقزام الفكر و الخلق ، و جعلهم نجوماً ، و غرس حبهم والتعلق بهم و تقليدهم في قلوب أبناء الأمة .
و لذا فمن الأهمية بمكان إعادة صياغة الوعي الفردي و الأممي ، لتمكين دور الأسرة الناضجة ، و المعلم النموذج ، و القدوة الصالحة ، من أجل بناء الإنسان فكراً و روحاً و جسداً ، و التمكين لمشروع حضاري إنساني ., و كما قال الدكتور جمال الخالدي في كتابه فإنك بأعيننا ( إذا كانت رؤيتك لمدة سنة فازرع شعيراً أو قمحاً ، و إذا كانت لعدة سنوات فازرع زيتوناً أو نخال ، و أما إذا كنت صاحب رؤية ممتدة فازرع فكراً “.
قد يحصل هذا الفساد و الدمار كله في أي عصر ذهبي الآن مثل ما حدث في عصر الأندلس ، لكن فقط إن تداركنا المشاكل ، و أخذنا بالأسباب قبل وقوع الفأس فوق الرأس.