كان يا مكان في سالف العصر و الأزمان، فتاة اسمها “حبيبة” تعيش في كنف عائلتها بكل حب و دلال ، و تضيء بحضورها كل المكان ، ذات يوم في إحدى حفلات أعياد الميلاد ، حضرت الحفل تلك الفتاة المشرقة بكامل زينتها كالمعتاد ، و أنارت أرجاء المكان و الأركان بطلّتها الزاهية ، والتي تأخذ الأنفاس ، وفي غمضة عين و رشفة ماء و من بين كل الناس ، اقترب منها شاب يبدو وجهه كالملاك، و أخبرها ، و هو يمسك ذراعها دون استئذان ، و أخذ يهمس في أذنها بكل جرأة : وجدتك يا أميرتي !
أنتِ ملكي أنا لوحدي الآن ! و أنا ملكك من اليوم؟!
أخبرته الفتاة ، و هي تشمئز منه و من وقاحته :
و من تكون أنت لتمتلكني؟
أجابها الشاب و الابتسامة تعلو شفتيه بكل ثقة :
أنا “عمر”، ملك الموت الذي سوف يلتقط آخر أنفاسك ، و يقبض روحك ، و أنتِ بين أسوار مملكتي بكامل زينتك أمامي فقط ! , ارتبكت الفتاة من اعتراف الشاب لها بجنونه ، و حاولت الهروب من بين قبضة يد ذلك الشاب الغريب الذي يحاصر أمانها و يدّعي ملكيته لروحها ، و بعد أن تم إفلاته لفريسته بسبب عائق مرور كاذن بينهما ، أخذت تلوذ بالفرار من ملاحقته لها بنظراته المترصدة لكل تحركاته ، و فجأة، استيقظت “حبيبة” من نومها ، و هي مرتعبة ، و أخذت تتنفس الصعداء ، و تحاول جاهدة أن تهدأ روحها و قلبها الذي كان يخفق بشدة.
ثم جففت “حبيبة” دلائل الخوف من ملامحها و آثار قبضة يده على ذراعها ، و عندما التقطت هاتفها المحمول ، تتفاجأ بكمية إشعارات ، و رسائل من ذلك المدعو ملك الموت “عمر”!، و أيقنت حينها أن وجوده في حياتها لم يكن كابوساً بل واقع مرير لا تعلم كيف تهرب منه ، و من جنون حبه للتملك ، و على الفور ، قامت بإعلام عائلتها لأخذ الحيطة و الحذر ، و قاموا بالتهديد العلني ، و التوعيد الشديد لذلك الشاب الهائم بحبها ، و الواثق من قدرته على سرقة ما أثار فضوله و شدّ انتباه نظراته الحادقة لها ، و هي بالمقابل قامت بضغط زر الحظر لوجوده الافتراضي في حياتها ، و لكن التفكير في وجود طيفه حولها ما زال يرعبها عند حضورها أي مناسبة اجتماعية ، و تبدأ “حبيبة” تراقب في كل الاتجاهات عن وجود أي ملك موت جديد يترقبها في حفلات أعياد الميلاد الجديدة ، و تصبح و تمسي “حبيبة” تموت كل لحظة ، و هي تعيش تراقب أين ملك الموت الذي وعدها أنه سيلتقط آخر أنفاسها ، و اعترفت لروحها ذات يوم , كم كان محقاً عندما قال انه سيمتلكها ، و من بعد كل محاولة لتشتيت روحها و قلبها ، أعلنت تلك الشابة المسحورة بعين الحب ، و بكل يأس أنها أحبّت ملاكاً ، و أصبحت “حبيبة عمر” لآخر نفس من حياتها المرهونة بموعد لقائها بملاكها ، و أصبح الناس ينادونها ب “حبيبة عمر” التي تنتظر بداية نهايتها بفارغ الصبر ، و أخذوا يردّدون صدى عشقها ، و يذيع صيت غرامها بساحرها ، و يمجدّون كلمة “حبيبة عمر” كمثال لكل شخص أدمن في الحب ، و أفنى عمره بسبب اكتمال ذلك الحب الساحر .