من أحاديث الجمال هذه الفترة في مجالسنا :
- هل جربت البوتوكس في بشرتك؟
- تحتاج أن ترفع حاجبيك قليلاً.
- يحب أن تعملي عملية شد فك و ذقن و بطن.
- هل جربتي توريد شفتيك؟
- سمعت أن حقن الشعر مؤلم؟
- أنصحك بتعديل أنفك و تصغيره.
- هل جربت ليزر إعادة الشباب؟
فمع تقدم التكنولوجيا، و تطور الطب، أصبحت حياتنا لا تخلو من أناس يتعاطون حقن البوتوكس، و الفيلر، و الإبر التجميلية كما يتعاطون القهوة، و عيادات عمليات التجميل أصبحت تدر ذهباً لكثرة روّادها من مدمني الجمال المزيف، و الصيحات المثيرة للجدل، و لا يقتصر حقن البوتوكس، و الفيلر على النساء، بل على الرجال في زمن المظاهر الخدّاعة، و للأسف الشديد إن إدمان الصغار، و الكبار على عمليات التجميل يدل على عدم احترام خلقة الله، و تغيير الأصل حتى لو كان أصيل فهذا تعدٍ واضح، و تشبه مقرف للحصول على المثالية المزيفة، و المحزن أن هذه الوجوه تزداد زيفاً، و شخصيات الوجوه المزيفة لا يمكن التعايش معها حتى بعد عمليات التجميل، و السبب ركضهم خلف الجمال الخارجي، و إهمال الجمال الداخلي، و بلغة هذا العصر التجميلي، نسيانهم لحقن بوتوكس في العقول !
نعم ما دام العقل لا يتمدد، و لا يشحن بالقراءة، و الثقافة، و الأدب، فيجب الترويج لبوتوكس استخدام العقل، و يتم حقنه شهرياً لو لم يكن سنوياً.
و كم هناك من أناس نلتقي بهم، و لا يمكننا معاشرتهم بسبب كمية الجهل المركب، و الأحاديث الجانبية التافهة التي يشغلوا بها ساعاتهم، و يعتقدون هكذا إنهم أذكياء، و مثقفون فقط لمعرفتهم بمجرى أحداث العالم، و هم فقط في وضع المتلّقين لترهات الدنيا دون بحثهم عن صحة هذه الأخبار، و أيضاً هناك نفور واضح بالكتب الدراسية، و قلة وعي أبناء جيل الزد، و جيل الألفا،
بأن القراءة الجادة تفتح آفاقاً مختلفة، و تبني من شخصية الإنسان أكثر من استخدام الانترنت بشكل يومي، و لهذا تزداد نسبة الخلافات الأسرية بسبب عدول أغلب الأفراد عن القراءة المفيدة، و مناقشة المواضيع التي تدعو للتفكير، و إدمان الأغلبيه على مشاهدة المقاطع المرئية المتكررة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، و انشغال كامل تفكيرهم بآخر الترند “الصيحة”، و الموضة، و تقليد المشاهير بالصالح أو بالطالح، و نسوا طلب العلم، و الثقافة من خلال الكتب، بل يتم تحقير، و تقليل من يحاول فتح كتاب في عصر الانترنت، و الفضائيات.
فلنحمد الله على دعم الحكومات العربية في الفترة الأخيرة لنشر الثقافة، و الأدب بزيادة أنشطتها في معارض الكتاب، و جذب مختلف الأعمار للقراءة، و التركيز على أهمية الكتب لبناء الإنسان السوي الذي يشغله طلب العلم، و الأدب، و المتعة السوية من الجهات الصحيحة.
فكما زادت في بلادنا عدد عيادات التجميل، أرجو أن تزيد قريباً عيادات حقن العقول بالقراءة، و تصبح صيحة عيادات “تجميل” للعقل حديث المجتمع المثقف و المعاصر.