للكاتب / سمير عالم
_______________________
حين يقوم الصياد بإعداد صنارة الصيد ، فإنه يأخذ بعين الاعتبار مسألة حجم الصنارة المستخدمة وحجم الطعم ونوعيته ، وذلك بناء على حجم الأسماك المراد صيدها وكذلك نوعيتها ، بحيث تكون السمكة قادرة على الانجذاب للطعم وابتلاعه .
درجت الألسن على استخدام عبارة مثل ( ” فلان ” ابتلع الطعم ) إشارة إلى أن الشخص المستهدف قد انطلت عليه الكذبة أو الخدعة ، وذلك من باب التشبيه بعملية اصطياد الأسماك .
بعض القنوات الإعلامية تنتهج أساليب الكذب وتزييف الحقائق بل إنها مردت على الكذب ولم تعد تتحرج من كمية وحجم الأكاذيب التي تبثها للمشاهد ، ولكن حين تتجاوز الكذبة الحجم المعقول فإن العقول لا تعود تستسيغها وبالتالي ترفضها ، وتلك القنوات تفتقر للمهنية وفقدت المصداقية عند الكثيرين ، وباتت مشاهدتها عند البعض فقط للتندر والضحك على ما يقال ويقدم على شاشاتها .
ومن جانب آخر فإن التضليل وبث الأفكار المنحرفة أو التي تعمل وفق أيدولوجيات محددة وأساليب غسيل الادمغة ، هي سموم أخرى تبث عبر هذه المؤسسات الإعلامية ، والتي قد يتأثر بها فئة ضحلة الثقافة وغير قادرة على التمييز ، وهم بذلك يحاولون تقليد الصياد في عملية إعداد الطعم وإلقائه علهم بذلك يتمكنون من اصطياد فريسة ما .
حين يكون الصياد عديم الخبرة ويستخدم طعما كبيرا معلقا في صنارة صيده ، فإن السمكة تمتنع عن ابتلاع الطعم ، وذلك ليس نابعا من ذكاء السمكة ، بل لأنها تدرك أن فمها لا يتسع لابتلاع طعم بهذا الحجم ، وبالرغم من أن السمكة تمتلك عين مميزة قادرة على الحصول من خلالها على منظر أكثر اتساعا مقارنة بغيرها من الكائنات بما فيهم البشر ، إلا أن الفائدة الوحيدة التي تجنيها السمكة من خلال امتلاكها لهذه العين هو الحفاظ على بقائها .
ولكن بعض البشر بالرغم من امتلاكهم لعقول متطورة ، غير قادرين فعليا على التمييز بين الخطأ والصواب ، ومتحفزين نحو ابتلاع كل طعم يتدلى أمامهم مهما كانت من الحجم الكبير الغير قابل للابتلاع .
قال الله تعالى ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: 179]