واقع الثقافة العربية .. بقلم / دلال كمال راضي

  • موقع مجلة نجمة السعودية ( قلم متعاون )

 

إن المتأمل في واقع الثقافة العربية في وقتنا الراهن سيجد أنها لم تعد ثقافة حقيقية مؤثرة وفاعلة على المستوى المحلي أو الإنساني فقد أصبحت ثقافة منهكة تترنح بين الثقافات المختلفة لا تدري أين تضع خطواتها.

 

 

ومهما قلنا عنها بأنها ثقافة أصيلة ترتكز على مقومات فكرية تنبع من موروث ثقافي تراكمي له جذورة التاريخية فإن واقع الحال يقول أنها ثقافة شاخت ولم تستطع مواكبة الثقافات العالمية الأخرى والمضي قدماً في بناء مشروع حضاري يوازي ما يشهده العالم من تحضر وتطور.

 

 

وعلى كلٍ فإن الثقافة العربية ثقافة واضحة المعالم من حيث المرتكزات القائمة عليها الأمر الذي يسهل تشخيص إخفاقاتها وتوكسها وتقهقرها ولذلك كان من البديهي إدراك هشاشتها وتحولها إلى ثقافة ضبابية تفتقد إلى رؤية واضحة تتجسد في أهداف تترجم الحاجة إلى مواكبة التطور والتقدم واللحاق بركب الحضارات من حولنا.

 

 

الإنسان العربي بواقعه المرتبك يعكس بشكل واضح ما آل إليه حال الثقافة العربية فهو الفاعل فيها والمتفاعل معها وهو صانعها ومتلقيها، ولو دققنا من خلاله في الأسباب والمسببات الكامنة وراء هذا الانكماش الثقافي العربي لوجدنا أننا أصبحنا مجتمعات شبه عازفة عن القراءة وأصبحنا نستسقي معلوماتنا ومعارفنا من مصادر هشة وغير موثقة كالانترنت والقنوات الفضائية وبالتالي صارت ثقافتنا سطحية وسريعة التشكل والتلاشي والتبدل تبعاً للطرح الآتي عبر التقافة التي لا نحكمها ولا نتحكم فيها والتي انسقنا خلف وجباتها الثقافية السريعة والمتغيرة واكتفينا بها رغم أن أطروحاتها تخاطب الحواس سطحيا وسرعان ما تتلاشى دون أن تترك أثراً فكرياً عميقاً نستطيع البناء عليه والتطور بمقتضاه، وهو الأمر الذي جمد الحراك العقلي والبحث والتأمل والإتجاه نحو المعرفة الراسخة التي تقود إلى الابتكار ومن ثم الإنتاج.

 

 

مهما يكن فلن نستطيع أن نعيد لثقافتنا العربية مكانتها ووهجها وتأثيرها ما لم نبدأ في تأسيس معرفة حقيقية تستهدف العقل العربي وذلك من خلال إصلاح العملية التعليمية والتركيز على تطوير وتحديث أساليب التعليم وأدواته وتوفير كل المتطلبات اللازمة للنهوض بهذا الجانب بحيث نعيد للتعليم مكانته ونصلح مواطن الخلل فيه فتتحول الدراسة في المدارس والجامعات من عملية تلقين وحفظ وحصول على الدرجات والشهائد إلى دراسة نوعية تهتم بتكوين وبناء العقل العربي من خلال تحصيل المنهج العلمي المستند إلى تشجيع التفكير الذاتي والإبداع ومن ثم التقييم القائم على التجريب والتطبيق.

عن afaf

شاهد أيضاً

يوم العلم .. بقلم الشاعرة غزلان

 ويرفرف  بين  جوانحنا   عَلَم ٌ خفاقْ  ويطرز    أفق   أمانينا    حب ٌ  دفاقْ  ويحلق  للأعلى  قُدُماً  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *