حكايات ” ابو مراد ” ,…
____________________
قال متفاخراً بقدراته الطبية أمام طلابه في مدرَّج الجامعة : لوعدتُ إلی زمن قيس لعالجتُه
من التعلق بليلی قبل ان يُجَـنّ .
ولم يكن يعلم أن قرينَ قيسٍ بين الطلاب .
انتهت المحاضرة و توجه الطلابُ للمغادرة والدكتور يُلَملِمُ أوراقَـهُ استعداداً للرحيل .
و إذ بأحد الطلاب يقف أمامه ويقول: لا تغادر أريدك في أمرٍ خاص۔
لمح الدكتور في عينيه لَـمعانً غريب ..!!
وبعد إغلاق الباب وراء آخر الطلاب .
قال : ألم تقل أنَّـكَ قادرٌ علی علاج قيس ..؟
ردَّ الدكتور : نعم لو كنت في زمنه .
قال الطالب مُبتسمًا : لا مشكلة الآن نذهب إليه ..!!
و أخرج مٍن حقيبتهٍ عباءةً سوداء ثم جَـلَّـلً نَفسَهُ و الدكتور بها ۔
و في لا زمن ، وجدا نفسيهما علی جبل التوباد و أمامهما علی بعد أمتار رجلٌ يُسندُ ظهرهَ
لِـصخرةٍ ، و ينثرُ شعراً ۔
قال : في ذهولٍ ، وصدمة لِرفيقِ الرحلةِ : من أنت ، و من هذا الرجل ، و أين نحن، و كيف
وصلنا هنا ؟
أجابه الرفيق : لا تجزع ، بختصارٍ شديد .. ذلك الرجل هو قيس بن الملوح ، وأنا قرينه، وقد
عدت بك إلی زمنه ، كيما تعالجه ، فلقد أتعبني هذا المجنون في حياته وبعد مماته۔
الدكتور متساٸلاً، والذهول يعصف به : حتی بعد مماته!!؟
نعم فكل قرناء العاشقين علی مرِ العصور ، اتخذوني مستشاراُ لمعاناتهم ، وقد أٌسقط في
يدي ، لذلك دومتُ علی حضور محاضراتك ۔
وحينما ذكرتَ أنَّـك تستطيعُ معالجة قيس، أدركت أنًّ مشاكلي كلها سَتُحَـلُ .
_مُمسِكاً بيدِ الدكتور _ اقترب منه لا تخشی شيٸاً .
اقتربا في هدوء ليسمعاه وهو يقول :
أهِيم بأقْطــــــــــارِ البلادِ وعَرْضِهَا
ومالي إلى ليلـــــــى الغداة طريق
كأنَّ فُؤَادِي فِيهِ مُورٍ بِقــــــــــادِحٍ
وفيه لهيب ســـــــــــــاطع وبروق
إذا ذَكرَتْها النفْـــــس مَاتَتْ صَبابَة
لها زَفْرَة ٌ قَتَّــــــــــــــــالة ٌ وَشَهِيقُ
سبتني بشمس يخجل البدر نورها
ويكســــف ضوء البرق وهو بروق
غُرابِيَّة الْفرْعَيْنِ بَدرِيَّــــــة ُ السَنا
وَمَنظَرُها بَادِي الْجَمَـــــــــال أنِيقُ
استمع الدكتور و أطرق منسجمًا ، حتی ذاب في نعيم الوجدان، و سُحِرَ بجمال الشعرِ النابع
من عمق الشعور۔
التفتَ إلی القرين وقال هذا هو العقلُ بعينهِ وهذا هو الشفاءُ التام .
أما أنا و أنت فنحتاح للعلاج .
إلــيَّ بالجلباب و أعدني إلی عالمي ، فأمامي رحلةُ علاجٍ طويلة ۔