المنطقة الشرقية – حسين السنونة
غداً سيحدث شيئاً ما ؟!.. _ فقرة شهرية _
___________________________________
المتابع للخارطة الأدبية والثقافية في المملكة العربية السعودية يرى أنها شهدت أخيرا تطورا نوعيا وكميا في تجليات الإبداع الأدبي من شعر وقص ورواية ونقد وتشكيل ومسرح وسينما، وأن حضورها العربي والدولي أصبح علامة فارقة ومهمة، حيث يحصد الإبداع الكثير من الجوائز المهمة عربيا ودوليا، ويشارك كتابه في أبرز المؤتمرات الثقافية خليجيا وعربيا وعالميا، وتتصدر كتبهم واصداراتهم أرفف أعرق دور النشر العربية.
هذا التجلي للثقافة والإبداع السعوديين واكبته أخيرا استراتيجية تشكل نقلة خطيرة لوزارة الثقافة حيث أصدرت سبعة وعشرين مبادرة ثقافية ينتظر أن تضع القوى الناعمة للمملكة في الصدارة عربيا وعالميا، هذه الاستراتيجية التي انتظرها المثقفون سنوات تضم مبادرة “برنامج ترجم”، التي تمثل نقلة نوعية وناضجة في تحريك المشهد الثقافي في مجال الترجمة وخاصة فيما يتعلق بالأدب السعودي، ووزارة الثقافة تسعى من خلال المبادرات إلى وضع ملامح تنمية للقطاع الثقافي كاملا تعمل بشكل جدي وقوي من أجل تحول ثقافي منشود في الوطن ينعكس على المستويين العربي والعالمي.
بكل تأكيد للترجمة دور كبير في وصول الثقافة والفكر والأدب الى الآخر من أمم ودول وحضارات، وهو ما قامت به مصر والامارات والكويت من خلال الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى والعكس، وفي هذا الجانب ترجمت لأبرز وأهم أعمال كتابها عبر مختلف الهيئات الثقافية ففي مصر الهيئة المصرية العامة للكتاب والمجلس الأعلى للثقافة والمركز القومي للترجمة، وفي الامارات مشروع كلمة إلى مشروع دبي، وفي الكويت المجلس الوطني للثقافة والفنون، والملاحظ أن هذه المؤسسات والهيئات جميعها استعانت بمترجمين سعوديين ومن بينهم د.سعد البازعي والشاعر عبدالوهاب أبو زيد وغيرهم.
وعلى الرغم من هذا تظل المشاريع التي تهتم بالترجمة في الوطن العربي ضئيلة جدا وبشكل خاص تلك التي تهتم بالترجمة من العربية الى العالمية وليس العكس، ويصاحبها فكر تسويقي قوي ورائع، إننا بحاجة إلى مشاريع كهذه تصدر إنتاجنا الإبداعي والفكري إلى الآخر، مشاريع تواكبها منافذ للاعلان والتسويق، وهذه الأخيرة متوفرة وموجودة فقط تحتاج الى خطة استراتيجية ومدروسة.
إن ما أرجوه ويرجوه الكثير من المثقفين مشروعا مستقلا تتبناه الوزارة لترجمة أعمال كتابنا الكبار والشباب المميزة وهي كثيرة دون شك، مع ملاحظة أننا نمتلك كل مقومات النجاح لقوانا الناعمة من موسيقى وتشكيل وتصوير وقص وشعر ورواية وفكر وآثار، وأن علينا ان نستغل المؤتمرات والمهرجانات العربية والعالمية التي تكون المملكة العربية السعودية مشاركة فيها واستغلالها أفضل استغلال لإجلاء حقيقة صورتنا الجمالية أمام العالم، فمثلا عندما شارك المنتخب السعودي في افتتاح كأس العالم الذي أقيم في روسيا، كانت أنظار سكان الأرض متجها للمباراة، لنتخيل لو تم استغلال المناسبة بإقامة معارض فنون تشكيلية ومعارض فوتوتوغرافية لآثارنا ومعرض كتاب نضع فيه ترجمات مختارة بعناية ووفق شروط مدروسة لأهم مبدعينا، تخيلوا لو فعلنا ذلك في المناسبات التي تشارك فيها المملكة مثلا كضيف شرف في معارض كتاب عالمية، أو حضور وفود عالمية للمملكة أيضا للمشاركة في مناسبات ثقافية او حتى تجارية، ماذا يضر أن يتم إهداء هذا الوفد أو ذلك مجموعة كتب متميزة مترجمة بشكل رائع ومتميز، أو مجموعة صور فوتوغرافية لآثارنا أو حتى لوحات لفنانينا، خاصة وأن أبواب السياحة ستكون مفتوحة بشكل اقوى.
إن للترجمة دور مهم في توصيل رسائل كثيرة للقارئ هناك، كما للوحة التشكيلية والفوتوغرافية، ولكل أشكال القوى الناعمة، وفتح باب تعاوني ثقافي وفكري كبير وأكثر مع الآخر في الكرة الأرضية.
ومن جانب آخر سوف ينعكس أثر الترجمة إيجابيا على المبدعين، وكما يقول أحد المترجمين العالميين ان الترجمة الأدبية تصب في اللغة تأثيرات وتغييرات وتوليفات لم تكن ممكنة دون وجود أساليب وتصورات أدبية أجنبية مترجمة، وهي الأهمية المادية والثقل الأدبي الذي يقع خارج حقل أحادية اللغة البحت. وبعبارة أخرى، فإن تأثير الأدب المترجم له تأثير إيجابي وموسع على ما يطلق عليه بشكل خاطئ “اللغة الهدف”، وهي اللغة التي يترجم إليها النص.