اشهار الجوع للكاتب السعودي حسين السنونة

اشهار الجوع _ قصة قصيرة

للكاتب السعودي حسين السنونة – المنطقة الشرقية

____________________________________________

 

مشرد لقب يحمله معه أينما كان ، كاد ان ينسى اسمه واسم عائلته ، من مكان الى مكان ومن حي الى حي ومن شارع الى

شارع حتى حفظ أسماء المدن والشوارع ووجوه المارة وروائح النساء

يبحث عن شيء يأكله , الهدف الذي يسعى لتحقيقه منذ الصباح حتى وقت رمي جثته في أي مكان للنوم هو ان يأكل شيئا

بقية طعام عائلة , شيئا في الطريق , او يستوقفه انسان ما في طريق ما ويعطيه شيئا من الطعام

كان يختار أماكن كثيرة ليحصل على طعام مثل مناسبات في أماكن مفتوحة للتجمعات العائلية او الشبابية او قمامة قريبة

من المطاعم يرمي الكثير من الاكل فيكون هو في الانتظار ويشبع بطنه وينام مرتاحاً فقد حقق الهدف

كانت قدماه تأخذانه من مكان الى اخر، ومن خلال الثلاثين سنة عرف الكثير من اسرار الوطن وخبايا العوائل الغنية

ومغامرات الشباب والشابات ، ولكنه كان لا يهتم بكل ذلك فهو يسعى لهدف واحد ونهائي يراه اسمى من كل ذلك

اشباع البطن ومكان يرمي جثته لينام

كان يقوم بطقوس قبل النوم يطلع على بعض الصحف التي جمعها معه من الشارع والقمامات فيكون له نصيب من

الضحك والتسلية .. وزير التغذية يموت في الصحراء جائعاً .. وزير المعاشات يخسر في

البورصة ..  مكافحة التسول تعد برنامج للقضاء على الظاهرة .. موت أربع مشردين بسبب موجة البرد

ثم يضع يده اليمنى تحت رأسه ويردد الدعاء للناس بالخير وللنظام بالعدل والمساواة وكان كثيرا ما يكرر ان النظام

والمسؤولين بكل تأكيد مشغولين بقضايا مهمة وحساسة تهم امن المواطن والوطن كان الله في عونهم

يختم طقوسه ويسلم نفسه للنوم

في احدى الأيام ومن الصباح حتى المساء لم يحصل على شيء يأكله حتى توقف بجانب مطعم حلويات وبالمصادفة كان

المطعم وعبر الزجاج الخارجي يعرض نوع من انوع الكيك ذات الحجم الكبير والمتعدد الألوان : الأبيض والاحمر

والاصفر والبرتقالي وموضوع ومهندس بشكل يثير للشهية مما جعله يقف بشكل عامودي صلب ويحذق وكأنه أول مره

يرى بعينيه وعرف ان هناك شيئا اسمه الاحساس بشهية الأكل مما يعني انه مازال من ضمن الأصناف البشرية التي

تمتلك الاحاسيس وخاصة وهو الجائع المشرد

خرج صاحب المطعم يطلب منه الابتعاد بعد ان رآه أطال وقوفه خلف قطعة الكيك التي تعرض لأول مرة ، ابتعد ولكنه

عاد خلال ثوانٍ ما ان انتبه ان صاحب المطعم دخل ، ولكن رجع له وطلب منه بصوت مرتفع ان يبتعد وهكذا تكرر

الموقف اكثر من مرة ومرتين وثلاثة واربعة وفي الخامسة وصاحب المطعم يطلب منه الابتعاد بطريقة استدراجيه حتى

جاءت الشرطة وقبضت عليه

وفي المحكمة حكم القاضي السمين عليه بالسجن ثمانية أشهر بتهمة اشهار الجوع مما يؤثر على الذوق العام وسمعة

الوطن خاصة وان المنطقة معروفة بانها منطقة سياحية مهمة !

ابتسم المشرد

القاضي : ( موجهاً كلامه للمشرد ) تبتسم على الحكم اما عليَّ ، واما على نوع التهمة !

المشرد : أبداً سيدي القاضي ابتسم لأنني خلال ثماني أشهر لن احمل هم الاكل وهو ما يهم بطني ولا مكان للنوم وهو ما

يهم جسدي .

عن afaf

شاهد أيضاً

لماذا نكتب ؟.. بقلم الكاتبة / وفاء بنت إبراهيم باعشن

  نحن نكتب لأن الله قد أقسم بالقلم و ما يسطرون , إذاً القلم لها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *